دعوة عامة إلى إخواننا في الإنسانية

دعوة عامة إلى إخواننا في الإنسانية

محمد منير إدلبي

باحث إسلامي

تجتاز الأمم بأجمعها اليوم أدقّ مرحلة من مراحل التطوّر، وينقِّب العالم بلا جدوى عن الطريقة المثلى التي تساعد على تخفيف المصائب والويلات بين بني الإنسان، وبما أنٌّ البصائر والأبصار تختلف قواهما في التحرّي عن الحقّ وسبيله فليس ثَمَّةَ من سبيل للوصول إلى الهدف الذي ينشده الجميع إلا بنشر الاحترام المتبادل بين جميع الطبقات على السواء.

وإنّه لعار وألف عار أن تسرح الرذائل وتمرح حرّةً طليقة كما تشاء، وتظلّ سجينةً مقيدة لا تقوى على الظهور.

ونحن، معشر المسلمين الأحمديين، لا نرى سبيلاً للسلم إلا عن طريق التبشير والرجوع إلى خالقِ كلّ شيء، وإنّ كل مَن ينتسب إلى دين من الأديان يجب عليه أن يعلم أنّ التبشير فرض عليه في دينه، ومتى ركدت ريح التبشير غابت حقائق الدين، وماتت فضائله.

إننا لنعتقد عن بصيرة ويقين أنّ الدين الذي جاءنا به نبيُّنا الأعظم خاتَم الأنبياء والعظماء والمفكّرين عليه الصلاة والسلام هو خير دين ينال به كلُّ إنسان سعادته ويسلك بواسطته الصراط المستقيم المؤدّي إلى دار السلام. وبما أنّ الفكرة الدينية يجب ألا تكون عقيدةً فارغة فلذلك نحن نُصغي بكلّ احترام وانتباه إلى كلّ مَن يخالفنا بالرأي، ونقبل معه الجدل والمناظرة بأسلوب علمي نزيه ليتضح الحقّ، ويظهر الصواب للجميع، على أنّ الأمر الوحيد الذي نأباه ويأباه كلُّ عاقل مفكر هو الجنوح للقوة والعنف بدل اللين واللطف والطعن بالسنان عوضًا عن التفاهم باللسان.

وإذا كان الدين -كما يعتقد الكثيرون اليوم خطأً وجهلاً- لا يمكن للعقل أن يخوض فيه ولا يساعد على الترقّي الحقيقي للبشر فالأحرى بأهله الذين أوصلوه إلى هذه المنزلة أن يكونوا حجارة قُدَّت من حجارة، والأجدر بهم ألا يكونوا من بني الإنسان الذي خلقه الله تعالى على مثاله، وكَرَّمَه غاية التكريم بأن جعله قابلاً للرقيّ اللانهائي، وأنزل له شرائع صالحة لذلك، فبدَّلها أهلها شرَّ تبديل.

وليس مقصدنا من أمثال هذه النشرة إثارة العواطف والأفكار الواجب احترامها، وإنّما غرضنا الوحيد إعلاء كلمة الله تعالى وتبرئة الفكرة الدينية السامية ممّا أوصلها إليه أهلُها المتعصبِّون من الأساطير والأباطيل، إذ الغاية القصوى التي يرمي إليها الدين هي معرفة الله بما يليق بعظمته وجلاله وبما يساعد على الحضارة الحقّة والرقيّ الدائم. وبما أن كلّ إنسان من ذكر وأنثى مسؤولٌ عن نفسه يوم القيامة فإننا ندعو الجميع إلى طريق الهداية، دينِ الإسلام الحقّ الصراح بالحجّة والبيِّنة، ونرجو أن يعذرنا إخواننا المسيحيون ولا يعجلوا علينا باللوم كما فعل بنو إسرائيل تجاه المسيح ، إذ كانوا يأبون الحقائق والبيّنات التي يأتيهم بها لعنادهم وتعصّبهم فقط، فَضَلّوا عن سواء السبيل، وليعلموا أننا لا نستطيع أن نظلّ مكتوفي الأيدي نائمين وتيّار التبشير المسيحي الجارف يكتسح جميعَ بلاد المسلمين بالأباطيل والتّرهات. وبما أنّ الله تعالى هو ربُّ العالمين وليس بربِّ فريقٍ دون فريق فقد اصطفى اليوم من بين المسلمين المسيح الموعود الذي ينتظره أهل الديانات قاطبةً، وإنّ دعوته التي يدعو إليها هي الإسلام الحقّ وإظهار صدق القرآن الكريم بكلّ حروفه. وإنّ الدين عند الله الإسلام. ولسوف تنتشر أعلام السلام والاخاء على أيدي أتباعه في جميع أنحاء العالم بلا مراء، وكما أنّ محمدًا هو سراج العالم فإنّ أحمد هو بدره الذي يقتبس من نوره ويشعّ على الكائنات. اللّهمَّ صَلِّ على محمد وعلى جميع الأنبياء، واهدِنا بهم إلى سواء السبيل.

.

البدرُ أشرق فانجابتْ به الظُلَمُ

وأوشكَ الحقُّ أن تعنو له الأُممُ

.

ودبَّت الرّوح في الأجساد فانبعثت

فيها الفضائل بعد َ الموت والهمَمُ

.

وهبَّت الرّيحُ من ( بنجابَ) ناشرةً

وَحْي الإله، به الآلاء والنِّعَمُ

.

يا طالَما انتظَرَ الإسلامُ منقذَهُ

مِمّا ألَمَّ به، والحلُّ والحَرمُ

.

لكنَّما أهلُهُ لما أتى نكبوا

عن الهداية، والمستضَعَفون هُمُ

.

يأبى الدّواءَ صغارٌ لا حلومَ لَهُمْ

وفي الَدّواءِ لَو اختاروا شقاؤهُمُ

.

يا طالبي سُبُلِ الرّحمنِ موعظةً

لا تهملوا الذكرَ، إنَّ الذِّكرَ نشدكُمُ

.

لا تضربوا بعضَهُ بالبعضِ إذْ عنيَتْ

علومُهُ عنكم والآيُ والحكَمُ

.

مالي أرى القومَ في فَوْضَى ومَهزَلَةٍ

سيَّانَ فيهم كرامُ الحيِّ والقزَمُ

.

شرارهُم ثُلَّةٌ ضَلَّتْ عقولُهُمُ

حَلس الزوايَا وفي آرائهم ظُلَمُ

.

قَد صَيَّروا قومَهم لحمًاً على وضمِ

ينتابه الُمهلكانِ الجهلُ والعَدَمُ

.

مَنْ أرجَعَ القهقرى الدّينَ الحنيفَ ومَن

رمى بِهِ في حضيض الذل، غَيْرُهُمُ؟

Share via
تابعونا على الفايس بوك