نظرة متأملة في تعليم الكتاب والحكمة

نظرة متأملة في تعليم الكتاب والحكمة

محمد الحاج عبد الله

  • ما المقصود لغة بالحكمة؟
  • ما دلالاتها القرآنية؟
  • ما معنى تعليم الحكمة وعلاقة ذلك بتعليم الكتاب؟

____

من منا لم يسمع بحديث المصطفى :

 “الْحِكْمَةُ ضَالَّةُ الْمُؤْمِنِ حَيْثُمَا وَجَدَهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا” (سنن ابن ماجه كتاب الزهد)

بهذه الكلمات النبيلة بيَّن لنا الرسول الكريم أهمية الحكمة في حياة المؤمن ودورها الكبير في توجيه مسار حياته.

أما المرحلة الثالثة فهي الحاسمة حيث يتم من خلال بركات المصطفى تعليم كتاب الله وحكمته للمخلصين من الأمة الذين قال الله في حقهم لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (6)

فما هي الحكمة وما المقصود بها؟

المعنى المعجمي لكلمة «الحكمة» يأتي من الجذر العربي «ح-ك-م»، وهذا الجذر يشمل معاني عديدة تتعلق بالحكم على الأمور والفهم العميق والتصرف السديد.

كما أنها تدل على رفعة الشأن والمكانة وواجهة الأمر.

وقد وردت كلمة حكمة ومشتقاتها في القرآن الكريم عشرات المرات.

فإما أن تكون اسما من أسماء الله الحسنى (الحكيم)

وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ ۚ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حكيم (1)

أو أن تكون فضلا ومزية يؤتيهما ويهبهما الله لمن يصطفي من عباده المقربين كالأنبياء والأولياء الصالحين، ، كقوله تعالى بحق لقمان:

وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ ۚ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حميد (2)

وهكذا نخلص إلى أن الحكمة عطاء نوراني من لدن حكيم عليم رب السماوات والأرض وخالق كل شيء يناله الإنسان ليس بالاجتهاد من خلال التقرب منه عز وجل واتباع أوامره واجتناب نواهيه حسبما أنزل الله في الكتب السماوية  بل بمحض عطاء رباني بحت. ويضم كتاب الله بين دفتيه الكثير من الآيات التي تربط الكتاب بالحكمة، يقول تعالى:

وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيل (3)

 حتى أنه وصف القرآن ذاته بأنه حكيم كما جاء في قوله  تعالى:

الر ۚ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ (4) يطول الحديث والتبيان في هذا الحقل الشاسع  لذا من الأفضل التركيز على نقطة بعينها، وهنا تبرز لنا آية كريمة من سورة النور، حيث يقول تعالى:

هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مبين (5).

تلخص المراحل التي تصل من خلالها البشرية إلى اكتساب الحكمة المرجوة التي شرفنا بها خالقنا البارئ. وتذكر بكل وضوح مهام المصطفى الذي – وكما لا يخفى على أحد أنه – اضطلع بمهمة إحياء موتى القلوب والبصيرة في الجزيرة العربية ومن ثم أموات البشرية جمعاء. وبيَّن سبحانه وتعالى المراحل المؤدية إلى هذا المرام. حيث تعتمد الخطوة الأولى على تلاوة آيات الله المكنونة في الأنفس وفي محيطنا وفي ما يحدث حولنا في دائرة آخذة في الاتساع حتى تعم الكون بأسره.

وبعد  هذه المرحلة الأولى حيث يكتسب المرء  هذه المعرفة المبدئية يدخله الله في المرحلة الثانية.. مرحلة التزكية وبعبارة أوضح التطهير الذي يتم من خلالها تطهير قالبه وكيانه من الداخل والخارج..

أما المرحلة الثالثة فهي الحاسمة حيث يتم من خلال بركات المصطفى تعليم كتاب الله وحكمته للمخلصين من الأمة الذين قال الله في حقهم لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (6)

الهوامش:

  1. (النور ١٨)
  2. (لقمان ١٢)
  3. (آل عمران: ٤٨)
  4. (يونس ١)
  5. (النور ٢)
  6. (الواقعة 81)
Share via
تابعونا على الفايس بوك