الموت الروحاني هو مطرح بغض الأولياء
  • كيف لبغض أولياء الله أن يسلب إيمان المبغِض؟

__

إني قلت في بعض كتبي إن الله يسلب إيمان قوم يعادون أولياءه، فسألني بعض الناس عن علل هذا السلب، وقال إنما الإيمان يتم باتّباع كتاب الله وسنن رسوله، فما ندري أيّ ضرر للإيمان بعداوة أحد من المسلمين، بل نقول إنها أقوال لا أصل لها وإن هي إلا وهم المتوهمين.

فاعلم أن هذا الرأي رأيٌ ركيكٌ أنحَفُ من المغازل، وأضعفُ من الجوازل، وإنما نشأ من قلة التدبر من طبعٍ فَقَدَ دَرَّ الفكر الصحيح، وأكبَّ على الدنيا بالقلب الشحيح، وكان من معارف الدين من الغافلين.

والأصل في هذا الباب أن بني آدم كشخص واحد.. بعضهم كالرأس والقلب والكبد والمعدة والكلية وأعضاء التنفس، وهم سروات نوع الإنسان، وبعضهم كأعضاء أخرى. فالذين جعلهم الله كالرأس أو القلب وغيرهما من الأعضاء الرئيسية، فجعلهم مدارًا لحياة كل من سُمّيَ إنسانًا، وكما أن الإنسان لا يعيش من غير وجود هذه الأعضاء، فكذلك الناس لا يعيشون بحياتهم الروحاني من غير وجود هؤلاء السادات من الرسل والنبيين والصديقين والمحدَّثين والشهداء والصالحين. فظهر من ههنا أن الموت الروحاني هو مطرحُ بُغضِ الأولياء، فالذي اشتد بُغضه ومُماراته بهذه الطائفة المقبولة، وتواترت مباراته بتلك الفئة المحبوبة، وما امتنع وما تاب، وما دعا اللهَ أن يتداركه، وما ترَك السبَّ واللعن والطعن والخصومة، فآخرُ جزائه عند الله سلبُ الإيمان، وتركُه في نيران الحسد والفسق والعصيان، حتى يلتحق برهط الشيطان، ويكون من الخاسرين.

والسرّ في ذلك أن أولياء الله قوم يحبهم الله ويُحبونه، ولهم بربهم تعلقات قوية، وله إليهم توجهات عجيبة، وعنايات لطيفة، وبينهم وبين الله أسرار لا يعلمها إلا حِبُّهم، فيُحبّهم الله حُبًّا عجيبا، ويُعادي من عاداهم ويوالي من والاهم، ولا يدري أحدٌ لِمَ أَحَبَّهم إلى تلك المرتبة؟! ولِمَ أتمَّ لهم وظائف الوداد كلها، ولِمَ صاروا من المحبوبين. (حمامة البشرى)

Share via
تابعونا على الفايس بوك